الجمعة، 5 أغسطس 2016

تعريف اللغة



تعريف اللغة
قبل الحديث عن نشأة اللغة لابد من معرفة معنى اللغة كما عرّفها علماء الكلام وقال ابن جني :اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم. وأما تصريفها ومعرفة حروفها فإنها فعلة من لغوت. أي تكلمت وأصلها لغوة ككرة وقلة وثبة كلها لاماتها واوات لقولهم. كروت بالكرة, وقلوت بالقلة؛ ولأن ثبة كأنها من مقلوب ثاب يثوب. وقالوا فيها: لغات ولغون ككرات وكرون وقيل منها لغى يلغى إذا هذى؛ ومصدره اللغا  وكذلك اللغو قال الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} أي بالباطل وفي الحديث: " من قال في الجمعة: صه فقد لغا " أي تكلم . وفي هذا كاف (1). وقال إمامُ الحرمين في البرهان: اللغةُ من لَغِي يَلْغَى من باب رَضِي إذا لهِج بالكلام وقيل من لَغَى يَلْغَى(2).وقال الإسنوي اللغات :عبارة عن الألفاظ الموضوعة للمعاني, فلما كانت دلالة الألفاظ على المعاني مستفادة من وضع الواضع(3). وقال ابن خلدون: اعلم أنَّ اللغةَ في المتعارف هي عبارة المتكلم عن مقصودة ، وتلك العبارة فعل لساني ناشئ عن القصد بإفادة الكلام، فلا بُدَّ أن تصير ملكة متقررة في العضو الفاعل لها، وهو اللسان، وهو في كل أمة بحسب اصطلاحاتهم، وكانت الملكة الحاصلة للعرب من ذلك أحسن الملكات، وأوضحها إبانة عن المقاصد؛ لدلالةِ غير الكلمات فيها على كثير المعاني، مثل الحركات التي تعيِّن الفاعل من المفعول من المجرور؛ أعني المضاف، ومثل الحروف التي تفضي بالأفعال - أي: الحركات - إلى الذوات من غير تكلف ألفاظ أخرى، وليس يوجد ذلك إلاَّ في لغة العرب، وأما غيرها من اللغات، فكل معنى أو حال لا بُدَّ له من ألفاظ تَخصه بالدلالة؛ ولذلك نجد كلامَ العجم من مخاطباتهم أطول مما تقدره بكلام العرب، وهذا هو معنى قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أوتيت جوامعَ الكلم، واختصر لي الكلام اختصارًا)).فصار للحروف في لغتهم والحركات والهيئات - أي: الأوضاع - اعتبارٌ في الدلالة على المقصود، غير متكلفين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الخصائص :1/34
(2) البرهان في أصول الفقه :1/135 , وينظر المزهر في اللغة وأنواعها :1/12
(3) نهاية السول في شرح منهاج الوصول :1/195 ,وينظر المزهر في اللغة وأنواعها:1/ 12

فيه لصناعة يستفيدون ذلك منها، إنَّما هي ملكة في ألسنتهم يأخذها الآخر عن الأول، كما تأخذ صبياننا لهذا العهد لغاتنا، فلما جاء الإسلام، وفارقوا الحجاز لطلب المُلك الذي كان في أيدي الأمم والدول، وخالطوا العجم، تغيَّرت تلك الملكة بما ألقى إليها السمعُ من المخالفات التي للمستعربين، والسمعُ أبو الملكات اللسانية، ففسدت بما ألقي إليها مما يغايرها؛ لجنوحها إليه باعتياد السمع، وخَشِيَ أهل العلوم منهم أن تفسدَ تلك الملكة رأسًا، ويطول العهد بها، فينغلق القرآن والحديث على المفهوم، فاستنبطوا من مجاري كلامهم قوانين لتلك الملكة مطردة شبه الكليات والقواعد، يقيسون عليها سائرَ أنواع الكلام، ويلحقون الأشباه بالأشباه؛ مثل أن الفاعل مرفوع، والمفعول منصوب، والمبتدأ مرفوع، ثم رأوا تغيُّر الدلالة بتغير حركات هذه الكلمات، فاصطلحوا على تسميته إعرابًا، وتسمية الموجب لذلك التغير عاملاً، وأمثال ذلك(1). وقال الشريف الجرجاني: اللغة هي ما يعبر بها كل قوم عن أغراضهم)2)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   (المقدمة) ابن خلدون
(2)   كتاب التعريفات :1/192

 


  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق