الجمعة، 12 أغسطس 2016

وسائل التعرف على الجهر والهمس

وسائل التعرف على الجهر والهمس
د/ أشرف أحمد البكليش
كلية العلوم والدراسات الإنسانية بحوطة سدير ـــ جامعة المجمعة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على خاتم المرسلين ، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبعد:
    فلقد تعددت تصنيفات الأصوات،فمن العلماء من قسمها حسب المخرج،ومنهم من قسمها حسب طريقة خروج الهواء، ومنهم من قسمها حسب عملية الشهيق والزفير،ومنهم من قسمها حسب درجة الاحتكاك فى موضع النطق،ومنهم من قسمها حسب الجهر والهمس،وهذا التصنيف الأخير سوف يكون مناط البحث فيه إذ إن الجهر والهمس يشتملان على كل الاصوات اللغوية.
    يهدف البحث إلى بيان كيفية التفريق بين الصوت المهموس والمجهور وذلك من منظور تاريخى.بداية بالخليل،وسيبويه،وغيرهما وذلك من خلال اعتمادهم على الوسائل البدائية ـ التى من خلالها صنفوا الأصوات ـ حيث كانت تعتمد بالدرجة الأولى على عملية الملاحظة والإحساس الذاتى. أيضا يهدف البحث إلى الاستفادة من العلم الحديث من خلال آراء المحدثين المبنية على أسس علمية متطورة بتطور الحياة،ومتجددة بتجدد العلوم. 
    دور البحث فى الأساس هو بيان وسائل التعرف على الجهر والهمس من حيث كونهما صفتين متقابلتين،بغض النظر عن الاختلاف الوارد فى توزيع الأصوات على الجهر والهمس، والاختلاف فى عددها أو تحديد مخارجها، فالنظرة منصبة على كيفية استخدام الوسائل لمعرفة صفة "الجهر"،ومقابلها"الهمس"،وذلك فيما اتفق عليه من الأصوات.          

    إذا كان هدف البحث الأساسى هو التمييز بين الاصوات المجهورة، والمهموسة من خلال آراء القدماء والمحدثين،فقد اتخذ منهج البحث عدة محاور للتمييز بين أصوات الجهر،والهمس.إذ "إن التمييز بين أصوات اللغة سواء منها الأنفى،أو الفموى يعتمد على استمرار الصوت ودرجة إسماعه، وقوة إنتاجه،وفوق كل هذا المخرج".([1])

 وبالتالى فالنقاط الأساسية التى يعتمد عليها البحث هى التمييز بين الجهر والهمس وذلك من خلال العناصر الآتية:

أولاـ مفهوم الجهر والهمس وأصوات كل منهما من منظور تاريخى ،حيث نعرض لمفهوم الجهر والمحدثين من خلال وجهة نظر القدماء المنبثقة من الرؤية الذاتية التى تعتمد على الملاحظة الذاتية ،ومناقشة ذلك من خلال آراء المحدثين لبيان مدى التوافق والاختلاف بين رؤية كل منهما ، وذلك من خلال تعريف المصطلحين كذلك أصوات كل منهما.
ثانيا ـ رؤية القدماء فى التعرف على الجهر والهمس:حيث عرضت لبعض التجارب الذاتية التى أجراها القدماء على أنفسهم بشأن التعرف على الجهر والهمس.
ثالثا ـ وسائل التعرف على الجهر والهمس من خلال آراء المحدثين وعلم الاصوات المعملى : وفى هذا الجانب تم التعرض لثلاث مباحث حاولت من خلالها بيان أهم الفروق الجوهرية فى التعرف على الجهر والهمس ،والتى تتمثل فى الآتى:

المبحث الأول:علم الأصوات النطقى:حيث تم التعرف على الجهر والهمس من خلال بعض الوسائل منها:ميكانيكية النطق ، الجهد العضلى ، درجة انفتاح عضوى النطق ،وغيرها من الوسائل الأخرى.

المبحث الثانى:علم الأصوات الفيزيائى:وفى هذا المبحث تم التعرف على الجهر والهمس من خلال استعمال بعض الوسائل الذاتية التى لجأ إليها المحدثون ـ احيانا ـ ،كذلك استعمال الوسائل المعملية المتمثلة فى جهازى:السبكتروجراف، والأسيللوجراف،حيث تم التعرف على الجهر والهمس من خلال عدد من الأشكال الفيزيائية التى تلازم نطق الأصوات،منها:شكل الذبذبات،والزمن،ونسبة التردد ،وغيرها من الوسائل الأخرى.

المبحث الثالث:علم الأصوات السمعى:فى هذا الجانب تم التعرف على الجهر من خلال الحديث عن عناصر الصوت الاساسية،من وجهة النظر السمعية أو الإدراكيه المتمثلة فى:الوضوح السمعى أو قوة الإسماع أو الإحساس بالشدة،كذلك الحديث عن أثر النغمة فى التفريق بينهما،أيضا طول الصوت.

أود أن أشير إلى أن عناوين المباحث الثلاث السابقة تمثل آداء العملية النطقية بداية من مرحلة الإنتاج التى تمثل آداء العملية النطقية مرورا بالفراغ الهوائى الذى يمثل علم الأصوت الفيزيائى وصولا بالمرحلة النهائية وهى مرحلة الإدراك التى يصح أن نطلق عليها :علم الاصوات السمعى
أولا: مفهوم الجهر والهمس " تاريخياً " :
الجهر والهمس محوران أساسيان لا ثالث لهما فى التفريق بين الأصوات اللغوية فى كل اللغات الإنسانية،وهما أثران صوتيان اعتمد عليهما القدماء والمحدثون فى توزيع الأصوات العربية.
وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم القدماء للجهر والهمس قد اختلف نسبياً عما فهمه المحدثون ، ويتضح ذلك فى الأقوال الآتية :
  يقول سيبويه : "ويقصدون بالمجهورة : حرف أشبع الاعتماد من موضعه ، ومنع النفس أن يجرى معه حتى ينقضى الاعتماد عليه ويجرى الصوت"([2] )
  كما عرفه ابن جنى بقوله:"معنى المجهور"أنه حرف أشبع الاعتماد من موضعه،ومنع النفس أن يجرى معه حتى ينقضى الاعتماد،ويجرى الصوت،غير أن الميم والنون من جملة المجهورة قد يعتمد لهما فى الفم والخياشيم،فتصير فيهما غنة،فهذه صفة المجهور".([3])
كذلك من صفات المجهور:عدم رفع الصوت وهى خصيصة ارتبط ذكرها بمفهوم الجهر عند شارح الشافية بقوله:" الجهر: رفع الصوت بالحرف: سواء جرى الصوت، أو لم يجر، وعلامته عدم حرى النفس".([4])
كما عرفه ابن يعيش بقوله :"الجهر إشباع الاعتماد فى مخرج الحرف ومنع النفس أن يجرى معه".([5])
  أما المهموس فقد عرفه الخليل بن أحمد بقوله :" الهَمْسُ : حسّ الصوت في الفم مما لا إشراب له من صوت الصدر ولا جهارة في النطق ولكنّه كلامٌ مَهْموسٌ في الفم كالسّرِّ".([6])
  كما عرفه سيبويه بقوله:"حرف أضعف الاعتماد عليه فى موضعه حتى جرى النفس معه"([7])
وبنفس المفهوم السابق قال ابن جنى:"أما المهموس:فحرف أضعف الاعتماد من موضعه،حتى جرى معه النفس".([8])
  ومن خلال نظرة سيبويه للهمس فقد جاءت نظرة أصحاب المعاجم متفقة مع ما قرره.يقول الأزهرى:"الهمس:حس الصوت فى الفم مما لا إشراب له من صوت الصدر ولا جهارة فى النطق،ولكنه كلام مهموس فى الفم،...،...،والهمس من الصوت والكلام:مما لا غَوْر له فى الصدر،وهو ما همس فى الفم"([9])
أما ابن يعيش فقد اكتفى بتعريف المهموس وذلك بعد أن عرف الجهر،بقوله:"والهمس بخلافه".([10])
 أما عدد الأصوات المجهورة والمهموسة من خلال رؤية القدماء فلم يختلفوا فيها ولعل هذا يرجع إلى أن تحديد الاصوات كان منصبا على الرؤية الذاتية إذ لم يتوفر آنذاك أجهزة ومعامل صوتية ترصد مخرج الصوت بدقة.وقد حدد سيبويه أصوات الجهر بقوله:"وأصوات هذا المصطلح هى: الهمزة، والألف، العين، الغين، القاف، الجيم، الياء، الضاد، اللام، النون، الراء، الطاء، الدال،الزاى، الظاء، الذال، الباء، الميم، الواو. فذلك تسعة عشر حرفا"([11])
وقد أقرَّ ابن جنى نفس هذا العدد من الأصوات بعد أن عَدّدَ الأصوات المهموسة بقوله:"وباقى الحروف ـ وهى تسعة عشر حرفا ـ مجهور".([12])
من خلال تحديد القدماء للأصوات المجهورة يفهم أن ما عداها يعتبر من الأصوات المهموسة.يقول سيبويه:"الأصوات المهموسة: الهاء،والحاء،والخاء، والكاف، والشين، والسين، والتاء، والصاد، والثاء، والفاء، فذلك عشرة أحرف".([13])
ونفس هذا التحديد مع اختلاف بسيط فى الترتيب للأصوات حدثنا ابن جنى بقوله: "المهموس عشرة احرف، وهى: الهاء، والحاء، والخاء، والكاف، والشين، والصاد، والتاء، والسين، والثاء، والفاء، ويجمعها فى اللفظ قولك: سَتَشحَثُكَ خَصَفَة".([14])
أما مفهوم الجهر والهمس عند المحدثين فقد اتخذا مفهومين مختلفين ولكن اتفقا من حيث المضمون،إذ ارتبط مفهوم كل منهما بحركة الوترين الصوتيين من عدمهما نجمل اقوالهم فيما ذكره د:أنيس بقوله:"الصوت المجهور هو الذى يهتز معه الوتران الصوتيان. وعكس الجهر فى الاصطلاح الصوتى هو الهمس. فالصوت المهموس هو الذى لا يهتز معه الوتران الصوتيان.([15])
ومن خلال التعريف السابق أجمع عليه جميع المحدثين خاصة وأنه يتاتى عن طريق وسيلة علمية بحتة. فالدكتور:بشر قد ذهب إلى نفس المعنى مستبدلا الاهتزاز بالتذبذب وذلك فى قوله:"الصوت المجهور هو الصوت الذى تتذبذب الأوتار الصوتية حال النطق.أما الصوت المهموس هو الذى لاتتذبذب الأوتار الصوتية حال النطق به".([16])
أما من حيث توزيع الأصوات على الجهر والهمس فقد شهدت خلافات بينهم،ومن حدة الخلاف ذهب بعضهم إلى جعل بعض الاصوات لا بالمجهورة ولا بالمهموسة.أما الاصوات المجهورة فقد حددها د:أنيس بقوله:"إن الاصوات الساكنة المجهورة فى اللغة العربية كما تبرهن عليها التجارب الحديثة هى ثلاثة عشر صوتا :ب، ج، د،ذ، ر، ز، ض، ظ، ع، غ،ل،م،ن.يضاف إليها كل أصوات اللين بما فيها الواو، والياء. فى حين الأصوات المهموسة هى اثنا عشر: ت، ث، ح، خ، س، ش، ص، ط، ف، ق، ك، هـ  ".([17])
  وهذا التوزيع السابق هو الشائع بين غالبية المحدثين،ويتضح من خلاله أنه لا خلاف مع القدماء إلا فى صوتى:الطاء،والقاف فى نطقنا الحديث حيث وصفا بالهمس. أما قديما فقد وصفا بالجهر.زيادة على ذلك صوت "الهمزة" فهو من منظور القدماء مجهور.أما من منظور المحدثين فدار جدل شديد حوله فمنهم من اعتبره مهموسا ومنهم من جعله مجهورا.([18])
  ومنهم من وصفه بأنه لا مجهور ولا مهموس حيث وصف" بالصوامت التى لا توصف باهتزاز أو عدمه،وهى تنشأ نتيجة التقاء الوترين الصوتيين فيغلقان الفتحة بينهما غلقا محكما،ثم ابتعاد كل منهما عن الآخر فجأة وخروج الهواء فى صورة انفجار مسموع.وفى العربية من هذا الصنف صوت الهمزة والقدماء يصفون هذا الصوت مع ما يوصف عندهم بالجهر".([19])
  أشير إلى أنه تتوزع بعض الصوامت المجهورة والمهموسة على بعض الصفات الأخرى وذلك لاشتمال الجهر والهمس على كل أصوات العربية.يقول د:مصطفى حركات:"هناك أصناف من الأصوات كالشديدة والرخوة تكون مهموسة ومجهورة،وهناك أصناف لا يصلح فيها إلا الجهر مثل:الصوامت (أى الحركات) وأنصاف الصوائت (الواو،والياء)،والحروف الخيشومية (الميم،والنون) أو الجانبية (اللام).وهذا مما يجعل عدد الأصوات المجهورة أكبر من عدد المهموسة فى معظم اللغات".([20])
  وهذا ما أوضحه د:أنيس من قبل بقوله:"الكثرة الغالبة من الأصوات اللغوية فى كل كلام مجهورة،ومن الطبيعى أن تكون كذلك وإلا فقدت اللغة عنصرها الموسيقى ورنينها الخاص الذى نميز به الكلام من الصمت والجهر من الهمس والإسرار".([21])

  ثانيا: رؤية القدماء فى التعرف على الجهر والهمس:
  استعمل بعض القدماء مترادفات لفظية وجملا يفهم منها أنهم كانت لديهم  وسائلهم الخاصة فى التعرف على الجهر والهمس،إذ كلها تعتمد على الملاحظة الذاتية والاجتهاد الشخصى،وهو ما يتضح فى الأقوال الآتية:
يقول سيبويه ـ مفرقا بينهما ـ :" وأنت تعرف ذلك إذا اعتبرت فرددت الحرف مع جرى النفس ، ولو أردت ذلك فى المجهورة لم تقدر عليه ، فإذا أردت إجراء الحروف فأنت ترفع صوتك إن شئت بحروف اللين والمد بما فيها ، وإن شئت أخفيت"([22] )
ومن خلال أعضاء النطق فقد استعملها للتفريق بين المجهور والمهموس بقوله:"وإنما فرق بين المجهور والمهموس أنك لا تصل إلى تبيين المجهور إلا أن تدخله الصوت الذى يخرج من الصدر،فالمجهورة كلها هكذا يخرج صوتهن من الصدر ويجرى فى الحلق،غير أن الميم والنون يخرج أصواتها من الصدر ويجرى فى الصدر والخيشوم غنة تخالط ما جرى فى الحلق.والدليل على على ذلك أنك لو أمسكت بأنفك ثم تكلمت بهما رأيت ذلك قد أخل بهما.أما المهموسة فتخرج أصواتها من مخارجها،وذلك مما يزجى الصوت ولم يعتمد عليه فيها كاعتمادهم فى المجهور فأخرج الصوت من الفم ضعيفا،والدليل على ذلك أنك إذا أخفيت همست بهذه الحروف ولا تصل إلى ذلك فى المجهورة".([23] )
ويبدو أن وسيلة التفريق بين الجهر والهمس كانت محل مناظرة بين اللغويين القدماء وهو ما يتضح من بعض الروايات أهمها تلك الراوية المنسوبة لأبى الحسن الأخفش من أنه قال:"سألت سيبويه عن الفصل بين المهموس والمجهور فقال:المهموس إذا أخفيته ثم كررته أمكنك ذلك،وأما المجهور فلا يمكنك ذلك فيه ثم كرر سيبويه"التاء" بلسانه وأخفى فقال:ألا ترى كيف يمكن،وكرر "الطاء"،والدال وهما من مخرج "التاء" فلا يمكن،وأحسبه ذكر ذلك عن الخليل".([24])
كما أوضح ابن جنى كيفية التفريق بينهما،وذلك عند تعريف المهموس بقولة:"المهموس حرف أضعف الاعتماد من موضعه،حتى جرى النفس،وأنت تعتبر ذلك بأنه قد يمكنك تكرير الحرف مع جرى الصوت نحو:سسس،كككك،هَهَهَه،ولو تكلفت مثل ذلك فى المجهور لما أمكنك.([25])
كما فرق شارح الشافية بين الجهر والهمس فى نقاط كثيرة يتصل معظمها بطريقة الآداء النطقى،والإشباع الحركى ،والمدة الزمنية ، وذلك من خلال قوله:" " أقول: إنما سميت الحروف المذكورة مجهورة لانه لابد في بيانه وإخراجها من جهر ما، ولا يتهيأ النطق بها إلا كذلك، كالقاف والعين، بخلاف المهموس، فإنه يتهيأ لك أن تنطق به ويسمع منك خفيا كما يمكنك أن تجهر به، والجهر: رفع الصوت، والهمس: إخفاؤه، وإنما يكون مجهورا لانك تشبع الاعتماد في موضعه، فمن إشباع الاعتماد إرتفاع الصوت، ومن ضعف الاعتماد يحصل الهمس والاخفاء، فإذا أشبعت الاعتماد فإن جرى الصوت كما في الضاد والظاء والزاى والعين والغين والياء فهى مجهورة رخوة، وإن أشبعته ولم يجر الصوت كالقاف والجيم والطاء والدال فهى مجهورة شديدة، قيل: والمجهورة تخرج أصواتها من الصدر، والمهموسة تخرج أصواتها من مخارجها في الفم، وذلك ممايرخى الصوت فيخرج الصوت من الفم ضعيفا، ثم إن أردت الجهر بها وإسماعها أتبعت صوتها بصوت من الصدر ليفهم، وتمتحن المجهورة بأن تكررها مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة: رفعت صوتك بها أو أخفيته: سواء أشبعت الحركات حتى تتولد الحروف، نحو قاقاقا، وقوقوقو، وقى قى قى، أو لم تشبعها نحو ققق، فإنك ترى الصوت يجرى ولا ينقطع، ولا يجرى النفس إلا بعد انقضاء الاعتماد وسكون الصوت، وأما مع الصوت فلا يجرى ذلك، لان النفس الخارج من الصدر - وهو مركب الصوت - يحتبس إذا اشتد اعتماد الناطق على مخرج الحرف، إذ الاعتماد على موضع من الحلق والفم يحبس النفس وإن لم يكن هناك صوت، وإنما يجرى النفس إذا ضعف الاعتماد، وإنما كررت الحرف في الامتحان لأنك لو نطقت بواحد من المجهورة غير مكرر فعقيب فراغك منه يجرى النفس بلا فصل، فيظن أن النفس إنما خرج مع المجهورة لا بعده، فإذا تكرر وطال زمان الحرف ولم يخرج مع تلك الحروف المكررة نفس عرفت أن النطق بالحروف هو الحابس للنفس، وإنما حركت الحروف لأن التكرير من دون الحركة محال، وإنما جاز إشباع الحركات لأن الواو والالف والياء مجهورة فلا يجرى مع صوتها النفس، وأما المهموسة فإنك إذا كررتها مع إشباع الحركة أو بدونه فإن جوهرها لضعف الاعتماد على مخارجها لا يحبس النفس، فيخرج النفس ويجرى كما يجرى الصوت بها، نحو ككك، فالقاف والكاف قريبا المخرج، ورأيت كيف كان أحدهما مجهورا والاخر مهموسا، وقس على القاف والكاف سائر المجهورة والمهموسة".([26] )
  ومن الوسائل التى استعملها ابن يعيش فى التفرق بين المجهور والمهموس قوله: " والذى يتعرف به بيانهما أنك إذا كررت القاف فقلت : ققق وجدت النفس محصوراً لا تحس معه بشىء منه وتردد الكاف فتجد النفس مقاوداً لها ومساوقاً لصوتها".([27])

ثالثا: وسائل التعرف على الجهر والهمس من خلال آراء المحدثين وعلم الأصوات المعملي:
  كما ذكرنا آنفاً فرق القدماء بين الجهر والهمس من حيث إشباع الاعتماد من عدمه فى موضع نطق الحرف ، وهى نظرة موفقة أو مناسبة تماماً لعصرهم آنذاك ، إذ لم يكن علم التشريح معروفاً آنذاك ، فهذا الاعتماد من عدمه فى موضع النطق ، اتضح لدى المحدثين فى اهتزاز المحدثين من عدمه.
فالجهر برؤية المحدثين عبارة عن اهتزاز الأحبال الصوتية + نفس محبوس ، أما الهمس فهو عبارة عن نفس غير محبوس يخرج بطريقة انسيابية مخالطاً للصوت المنطوق.
وقد عُرِفَتْ الأصوات المهموسة عند بعض المحدثين بالأصوات غير الحنجرية،حيث عرفت بأنها"الأصوات التى لا يتذبذب عند أدائها الأوتار الصوتية. ولإنتاج هذه الأصوات ينطلق الهواء من الرئتين مارا بالحنجرة دون أن يؤثر فى الأوتار الصوتية بالتذبذب .ويظل الهواء فى طريقه فيمر بمختلف الأعضاء الصوتية،وهى الأعضاء التى تعلو الحنجرة"([28] )
أما الأصوات المجهورة فقد عُرِفَتْ عند بعض المحدثين بالأصوات الحنجرية،حيث أوضحوا بأنه "لا يفترق أداء الأصوات الحنجرية عن الأصوات غير الحنجرية إلا فى ذبذبة الأوتار الصوتية.وتحدث ذبذبة هذه الأوتار إذا كانت مشدودة إلى درجة تجعلها تهتز عند مرور الهواء بها .ولا يكاد الهواء الذى يحمل هذه الذبذبات يمر من بين هذه الأوتار حتى يصادف فراغ الحلق الذى يعمل عمل غرفة الرنين "([29])
يقول د: أنيس :"إن انقباض فتحة المزمار وانبساطها عملية يقوم بها المرء فى أثناء حديثه دون أن يشعر بها فى معظم الأحيان ، وحين تنقبض فتحة المزمار يقترب الوتران الصوتيان أحدهما من الآخر فتضيق فتحة المزمار ، ولكنها تظل تسمح بمرور النفس خلالها، فإذا اندفع الهواء خلال الوترين وهما فى هذا الوضع يهتزان اهتزازاً منتظماً ، ويحدثان صوتاً موسيقياً درجته حسب عدد الهزات أو الذبذبات فى الثانية ، كما تختلف شدته أو علوه حسب سعة الاهتزازة الواحدة.
وعلماء الأصوات اللغوية يسمون هذه العملية بجهر الصوت ، والأصوات اللغوية التى تصدر بهذه الطريقة ، أى بطريقة ذبذبة الوترين الصوتيين فى الحنجرة تسمى أصواتاً مجهورة ، فالصوت المجهور هو الذى يهتز معه الوتران الصوتيان".
وعكس الجهر فى الاصطلاح الصوتى هو الهمس ، فالصوت المهموس هو الذى لا يهتز معه الوتران الصوتيان ، ولا يسمع لهما رنين حين النطق به ، وليس معنى هذا أن ليس للنفس معه ذبذبات مطلقاً ، وإلا لم تدركه الأذن ، ولكن المراد بهمس الصوت هو صمت الوترين الصوتيين معه ، رغم أن الهواء فى أثناء اندفاعه من الحلق أو الفم يحدث ذبذبات يحملها الهواء الخارجى إلى حاسة السمع فيدركها المرء من أجل هذا".
أود أن اشير إلى أن دراسة آراء القدماء فى التفريق بين الجهر والهمس، فى ضوء معطيات العلم الحديث اتضحت "أنها فى جملتها تتضمن آراء قيمة فى الدراسة الصوتية تتفق مع أحدث النظريات الحديثة إلى حد كبير".([30])
وبالتالى سوف نناقش  ما ذهب إليه القدماء فى التفريق بين الجهر والهمس،وذلك فى ضوء ما استجد فى ضوء معطيات العلم الحديث بداية من مرحلة الإنتاج وصولا حتى مرحلة الإدراك وذلك من خلال المباحث الآتية:
المبحث الأول: وسائل نطقية وهى مايطلق عليها "علم الأصوات النطقى".
المبحث الثانى:وسائل عملية"ذاتية" معملية"علم الأصوات الفيزيائى".
المبحث الثالث:وسائل سمعية،وهى ما يطلق عليها:"علم الأصوات السمعى".
ويمكن مناقشة المباحث السابقة وذلك من خلال أراء القدماء الممثلة فى الاجتهادات الذاتية،والمحدثين المبنية على أسس علمية سليمة مستمدة من وجود الأجهزة الصوتية التى ترصد مخرج وصفة الصوت بدقة.ونظرا لهذه المفارقة بين القدماء والمحدثين فى التعرف على الأصوات عموما ،فسوف تكون وسائل التعرف على الجهر والهمس عند القدماء من خلال بعض المباحث المشار إليها سابقا.أما آراء المحدثين فسوف تكون متمثلة فى جميع المباحث.

المبحث الأول
الوسائل النطقية "علم الأصوات النطقى"
من خلال آداء العملية النطقية والتى تعرف "بعلم الأصوات النطقى" يمكن التعرف على الجهر والهمس من خلال الوسائل الآتية:
أولا- ميكانيكية النطق
ثانيا- الجهد العضلى:
ثالثا- ثالثا:درجة انفتاح عضوى النطق:
رابعا- مجرى الهواء "حركة الهواء"
خامسا- كمية الهواء
ويمكن مناقشة هذه الآراء النظرية التى اعتمدت على الملاحظات الذاتية ، وذلك فى ضوء علم الأصوات المعملى :
أولا ميكانيكية أو آلية النطق:
يقصد بميكانيكة النطق:الحالة التى تتم بها عملية الهمس والجهر إزاء العملية النطقية،وهو ما يتضح من الشكلين الآتيين:([31])
                                   
                       

شكل(أ) يوضح آلية النطق إزاء الهمس بصوت"الثاء".    شكل(ب) يوضح آلية النطق إزاء الجهر بصوت"الظاء"
من خلال الشكل رقم(أ) يتضح آلية النطق إزاء عملية الهمس "حيث تجذب العضلتان الهرميتان الجانبيتان النتوئين الصوتيين من الأمام والخلف.وتثبت العضلتان الهرميتان الحلقيتان الخلفيتان جزئى الغضروفين الهرميين المرتكزين على مؤخرة الغضروف الحلقى،بحيث يكون أحدهما بعيدا عن الآخر.وتكون النتيجة ان تلتقى قمتا الغضروفين الهرمين ويصير فراغ الحنجرة الغضروفى على شكل مثلث.أما الجزء الغشائى من فراغ الحنجرة،فيكون خطا مستقيما يصل رأس المثلث بالغضروف الدرقى،وذلك نظرا لانضمام الأوتار الصوتية انضماما تاما،وهذا هو ما يحدث عند النطق همسا"([32])
أما الشكل رقم(ب)،فيمثل آلية النطق إزاء عملية الجهر،حيث يتضح "أن كلا من العضليتين الهرميتين الدرقيتين إذا انقبضتا بجزئيهما،فإنهما تجذبان الغضروفين الهرميين إلى الأمام.ولكن العضلتين الهرميتين الحلقيتين الخلفيتين تقاومان هذا الجذب وتثبتانهما مكانهما.وتكون النتيجة أن تتوتر العضلتان الهرميتان الدرقيتان بجزئيهما،وهذا يعنى أن تنطبق الأوتار الصوتية،وتغلق فتحة الحنجرة تماما.وقد يكون هذا الانطباق قويا بحيث يتمكن من حبس الهواء داخل الحنجرة،ويحدث هذا عند النطق بالهمزة،وقد لا يكون من القوة بحيث يستطيع حبس الهواء الذى يندفع فيمر من الرئة خلال الأوتار الصوتية فيحدث فيها اهتزازا ينتج عنه صوت مسموع هو الذى نسميه الجهر".([33] )
ثانيا:الجهد العضلى: أوضح د:وفاء البيه أن الفونيمات "الأصوات المهموسة" تحتاج عند نطقها إلى جهد عضوى عضلى كبير "أكبر" من الذى يستدعيه نطق الفونيمات المجهورة ، كما تحتاج إلى قوة كبيرة عند إخراج هواء الزفير أكبر من التى يتطلبها نطق الفونيمات المجهورة".([34])
 وقد أكد د:السعران المفهوم السابق بقوله:"إن الصوامت المهموسة يحتاج نطقها إلى قوة من "إخراج النفس"=الزفير أعظم من التى يتطلبها نطق الصوامت المحهورة،ويمكن أن نلمس هذا الفارق فى قوة النفس إذا بسطنا الكف أمام الفم ونحن ننطق صامتا مهموسا متلوا بنظيره المجهور مثل: ث، ذ/ت، د/س، ز، ...، إلخ.([35])
 أود أن أشير إلى أنه يوجد تفاوت فى قوة إخراج النفس من شخص إلى آخر كذلك الجهد العضلى الذى يستدعيه نطق الأصوات المهموسة والمجهورة ولأجل هذا لوحظ أنه:"قد يختلف نطق الصوت المجهور والمهموس من شخص لآخر ، ومن بيئة لأخرى ، ومن عصر لآخر ، بل اختلافهما أحياناً من نطق لآخر عند نفس الشخص".([36])

  ثالثا- درجة انفتاح عضوي النطق:
تختلف درجة انفتاح عضوى النطق إزاء نطق الصوامت الاحتكاكية المهموسة،والمجهورة،حيث اتضح أن "الصوامت الاحتكاكية المهموسة مثل:"الفاء،والثاء،والسين" تكون درجة الانفتاح فيها (أى مقدار البعد بين الأعضاء المشتركة فى النطق والمحدثة للاحتكاك،أى درجة انفتاح المجرى الهواء أو سعته) أقل من تلك التى تكون فى نطق الاحتكاكية المجهورة مثل:"الذال،والزاى"([37] )

   رابعا- مجرى الهواء "حركة مرور الهواء":
من خلال عرضنا لرؤية القدماء فى التفريق بين الجهر والهمس اتضح أن معيار التفريق بينهما منصب على التمييز بينهما من خلال انحباس النطق بالحرف "الصوت" فى مكان التقاء أعضاء النطق التى يخرج منها الصوت فى الصدر والفم ، فيمنع أن يجرى مع الصوت عند النطق منعاً كلياً أو جزئياً ، مما يؤدى إلى احتباس كمية من الهواء فى الصدر مسبباً ارتفاعاً ملحوظاً فى طريقة النطق بالصوت عند السماح بجريان هذا الصوت.
  فالصوت المجهور عندهم يحتاج للنطق به إلى رفع الصوت الذى يسببه تسرب النفس فى التجويف الصدرى ، وهذا بخلاف الصوت المهموس الذى تقترب فيه حركة مرور الهواء عند النطق به فى سهولتها من حركة النفس العادى ولا تتطلب رفع الصوت البتة.

 
  ويمكن إيضاح ذلك من خلال هذا الرسم الاجتهادى الذى يوضح أن عضوى النطق فى حالة الجهر هو عبارة عن إغلاق ثم انفتاح ، مما يعطى الصوت دفعة قوية فى النطق وفى حالة الهمس ، فهى واحدة أثناء وبعد النطق حيث إن الهواء مخالط للصوت عند خروجه. 

صوت + هواء  مندفع
       بعد النطق
 
عضوا النطق أثناء النطق
 

 

 

 

 

 
                                    
شكل اجتهادى يوضح الحالة التى يكون عليها عضوا النطق أثناء وبعد النطق فى حالة الصوت لمجهور
كما يمكن التمثيل لبيان حالة عضوى النطق وحركة خروج الهواء للصوت المهموس بالشكل الاجتهادى الآتى :

عضوا النطق بعد النطق

 
عضوا النطق أثناء النطق

 

 
عضوا النطق أثناء النطق

 
عضوا النطق بعد النطق

 
              
    ويتضح ذلك بصورة طبيعية من خلال الشكلين الآتيين:   

                   
  شكل (أ) يوضح نطق صوت"الحاء".           شكل (ب) يوضح نطق صوت"الباء".                        
يتضح من الشكل (أ) انفراج عضوىالنطق بصورة ملحوظة عند التلفظ بالصوت المهموس ، مما يعطى حرية تامة لمخالطة الهواء الصوت عند خروجه.
  أما فى الشكل (ب) فيتضح العكس تماماً حيث يتضح التقاء عضوى لنطق وانحباس الهواء خلفهما ، لا ينطلق إلا بعد انفراج عضوا النطق وخروج الصوت.
  كما يفهم من الشكلين السابقين أن المتكلم يستطيع أن يكرر نطق الصوت المهموس أثناء جرى النفس ، حيث يستطيع مثلاً إخراج صوت الهاء ، أو السين مكرراً دون الاحتياج إلى دفعة هوائية أو تنفسية جديدة ، وتكون على سبيل المثال هكذا  هـ هـ هـ ، سسسـ.
  أما الصوت المجهور فإن الباء ، أو النون لا يمكن للمتكلم أن يكررها مرة أخرى لخروج الهواء تالياً للصوت المنطوق.
  أود أن اشير إلى أن الحركات المصاحبة لنطق الأصوات التى يقوم الجهاز النطقى بإنتاجها هى كلها مجهورة،لما لها من تأثير بالغ على الوترين الصوتيين،حيث وصفت بالانطلاقية،حيث أوضح د:الفرنوانى نقلا عن روبينز أنه: "لا تتدخل أعضاء النطق بعرقلة العمود الهوائى الصاعد من الرئتين بالحبس التام أو الجزئى،بل تدع له حرية الاندفاع،وفى هذه الحالة لابد أن تتذبذب الأوتار الصوتية فتنتج الأصوات الانطلاقية المجهورة،أو الحركات فإن لم تتذبذب يكون هذا هو الوضع العادى للتنفس"([38])
خامسا- كمية الهواء: أود أن اشير إلى أن التفريق بين الجهر والهمس فى هذا الجانب يتوقف على كمية ودرجة تأثير الهواء الخارج من الرئتين على الوترين الصوتيين وهى كمية تختلف من صوت إلى آخر،وهو ما تترجمه قوة الذبذبات التى تنتج عن حركة الوترين الصوتيين.
  وقد ذكر د:محمود السعران:"إن من الأصوات ما يكون الوتران الصوتيان فى نقطة متباعدة بحيث إن الهواء الخارج من الرئتين لا يتذبذب أو يتذبذب تذبذبا ضئيلا،فلا يحدث نغمة موسيقية،وذلك كالتاء،والثاء،والسين.هذا القسم سماه العرب مهموسا.بينما يحدث فى نطق أصوات أخرى أن يتقارب الوتران الصوتيان بحيث يذبذبهما الهواء الخارج من الرئتين محدثا بذلك نغمة موسيقية وذلك كالدال، والذال، والزاى، هذا القسم الثانى سماه العرب مجهورا ".([39])
ومن خلال النص السابق يمكن توضيح الفوارق الكامنة بين الجهر والهمس فى النقاط الآتية :
1-اهتزاز الأحبال الصوتية فى حالة الجهر دون الهمس هى مقابلة مناسبة لوضع الوترين الصوتيين إزاء الجهر ، حيث قوة الصوت المندفع وراءها النفس الذى يؤدى إلى الاهتزاز ، كذلك أيضاً إزاء الهمس حيث ضعف الصوت المخالط للنفس الذى يؤدى إلى اهتزاز الأحبال الصوتية بالصورة الملحوظة بالقدر الكافى. ويمكن بيان الفرق بين الجهر والهمس من خلال وضع الوترين الصوتيين فى الشكلين الآتيين :                         
                                        
1 - الغضروف الدرقى       2- الوتران الصوتيان           3- الغضروف الهرمى
شكل(أ) يوضح الوترين الصوتيين فى حالة الجهر    شكل (ب)يوضح الوترين الصوتيين فى حالة الهمس
بالنظر فى الشكلين السابقين يتضح ـ لنا ـ أن الوترين الصوتيين لديهما القدرة فى اتخاذ أوضاع معينة،تلك الأوضاع تلعب دورا هاما فى تحديد نوعية الصوت،من حيث كونه مجهورا، أو مهموسا،من هذه الأوضاع:
  (أ) ـ "الوضع الخاص بالتنفس،حيث قد ينفرج الوتران الصوتيان مفسحين مجالا للنفس ان يمر خلالهما دون أن يجابه أى اعتراض،وهذا يُحْدِث ما يسمى فى الاصطلاح الصوتى بـ"الهمس" مقابل الجهر.
   (ب) ـ وضع الوترين الصوتيين عند إصدارهما نغمة موسيقية:ينضام الوتران الصوتيان بشكل يسمح للهواء المندفع خلالهما أن يفتحهما ويغلقهما بانتظام وبسرعة فائقة،وهذا يسمى تذبذب الوترين الصوتيين.هذه الذبذبة تحدث نغمة موسيقية تختلف"درجة"،وشدة باختلاف عدد الحركات الإيقاعية ومداها.هذه النغمة الصوتية تسمى فى الاصطلاح الصوتى"الجهر"،كما تسمى الأصوات التى تصحبها هذه النغمة:الأصوات المجهورة "([40])
  (ج) ـ قد لا ينطبق الوتران الصوتيان انطباقا تاما فلا يسمح بمرور الهواء إلى الحلق مدة هذا الانطباق،ومن ثم ينقطع النفس،ثم يحدث أن ينفرج هذان الوتران فيخرج صوت انفجارى نتيجة لاندفاع الهواء الذى كان محبوسا حال الانطباق التام.هذا الصوت هو همزة القطع."([41])
  أود أن أشير إلى أن ظاهرتىَّ الجهر والهمس لا تقتصر على أصوات اللغة العربية وحدها بل " لهما وجود ملحوظ فى اللغات التى نعرفها ففى الإنجليزية مثلا الصوت (b) مجهور ونظيره (p) مهموس،وكذلك الحال فى الصوتين (f) و (v)".([42])
  وقد عبر علماء الأصوات الغربيون عن المقابلة بين الجهر والهمس فى أقوالهم يقول "Neppert”:"مع الجهر تهتز الأحبال الصوتية”Stimmlippen” أما مع الهمس “Stimmlosigkeit” فإنه تغيب هذه الخاصية".([43] )
  يقول “Mongi Metgui" :"الأصوات المهموسة عبارة عن أصوات احتكاكية كى تسمع ، أما الأصوات المجهورة فهى بشكل إضافى أو تكميلى تحدث أو تؤدى إلى ذبذبة الأوتار الصوتية “Stimmlippen Schwingung"([44])
   2-نوع ودرجة الانفجار “Art der explosion”: أو بمعنى آخر نوع أو درجة الصوت الذى يحدث بعد نطق الحرف ، حيث إن الانفجار يحدد كون الصوت من حيث الجهر أو الهمس ، وهذا ما يحسه المتحدث عند التحدث بالصامت ، حيث تكون درجة الانفجار فى الصوت المجهور أقوى من الصوت المهموس.([45])
  "وقد لوحظ أنه فى حالة الانفجارية المهموسة لا يسمع شئ إطلاقا فى اللحظة التى يوقف فيها المجرى الهوائى (= أى قبل حدوث الانفجار).أما فى حالة الانفجارية المجهورة فإنه يسمع شئ من الجهر(= ذبذبة الوترين الصوتيين) يختلف مقداره باختلاف الأحوال أثناء وقف المجرى الهوائى"([46])
ويمكن توضيح ما سبق من خلال التفريق بين صوتى "الحاء" فى "أح" و"الباء" فى "أب" ، إزاء العملية النطقية.

                   

  شكل (أ) يوضح نطق صوت"الحاء".          شكل (ب) يوضح نطق صوت"الباء"
ومن خلال الشكلين السابقين تجدر الإشارة إلى أن الاحتكاك المصاحب لنطق الصوت المجهور أقوى من الصوت المهموس ، أضف إلى ذلك أن الهواء الذى يصاحب الصوت المنطوق ، يأتى بعد خروج الصوت المجهور ، وهو ما عبر عنه ـ بمفهوم القدماء ـ "بانحباس جرى النفس" عند النطق بالحرف ، بينما يأتى مصاحباً أو ملازماً عند الصوت المهموس ، وهو ما عبر عنه "بجريان النفس" عند النطق بالحرف.
  اتضح ـ أيضاـ من خلال ما سبق"إن النطق الكامل للصوت الانفجارى يتطلب:
  1ـ اتصالا بين عضوين ينتج عنه وقف المجرى الهوائى وقفا كاملا.
  2ـ ثم انفصال العضوين هذا الانفصال الذى يحدث عنه انفجار الهواء"([47] )
  تجدر الإشارة إلى أن كل صوت مهموس من الممكن أن يكون مجهوراً ، وليس العكس ، إذا أن هذا يتوقف على درجة أو قوة الصوت ، ويمكن أن يلاحظ الإنسان ذلك من خلال نطقه لصوت "الثاء" أو "الخاء" بقوة أو بضعف ، ونجد أنه فى الحالة الأولى يكون مجهوراً ، وفى الثانية يكون مهموساً.
  فرق د:بشير بين الصوت الانفجارى والاحتكاكى بقوله : "الأصوات الانفجارية هى التى يحبس فيها جرى الهواء الخارج من الرئتين حبساً تاماً فى موضع من المواضع ، وهذا ما يتضح من نطق "الباء" وينتج عن هذا الحبس أو الوقف أن يضغط الهواء ثم يطلق سراح المجرى الهوائى فجأة فيندفع الهواء محدثاً صوتاً انفجارياً ، أما الأصوات الاحتكاكية فهى التى يضيق فيها مجرى الهواء الخارج من الرئتين فى موضع من المواضع ، بحيث يحدث الهواء فى خروجه احتكاكاً مسموعاً ، والنقاط التى يضيق عندها مجرى الهواء كثيرة متعددة ، تخرج منها الأصوات الاحتكاكية.([48] )

المبحث الثانى
وسائل عملية معملية للتعرف على الجهر والهمس"علم الأصوات الفيزيائى"
يقصد بالوسائل العملية فى التفريق بين الجهر والهمس:استعمال بعض الوسائل الآلية الخارجية،واللجوء إلى وسائل ذاتية تعتمد على الإدراك الذاتى، أما الوسائل المعملية،فيقصد بها علم الأصوات المعملى المتمثل فى علم الاصوات الفيزيائى ،ويمكن إيضاح كل من الوسيلتين فى النقاط الآتية:
  أولا الوسائل العملية:
  وسائل آلية خارجية: وهى وسائل بواسطتها يمكن التعرف على الجهر والهمس "ومن أبسط الوسائل الآلية مرآة صغيرة مثبت بها يد طويلة،هذه المرآة تسمى"مجهر الحنجرة" يوضع مجهر الحنجرة بصورة خاصة داخل الفم،ويضغط على أقصى الحنك،ويكيف وضعه بحيث ينعكس ضوء قوى على داخل الحلق، فيظهر فى المرآة داخل الحنجرة.هذا المجهر يمكن من رؤية الوترين الصوتيين فى حالة إخراج"النفس"،أى عندما يكونان متباعدين،وهذا الوضع الذى يتخذه الوتران الصوتيان عند نطق الأصوات المهموسة كالسين،ويمكن من رؤيتهما حال تذبذبهما منغما،أى عندما يتقاربان بدرجة تسمح للهواء المار بينهما أن ينغم،وهذا هو وضعهما عند نطق الأصوات المجهورة كالزاى.وهكذا ندرك أن الفارق بين السين،والزاى هو أن الأول"مهموس"والثانى "مجهور".([49])

  وسائل ذاتية:يقصد بالوسائل الذاتية:تعرف الشخص بذاتيته على الجهر والهمس دون أى تدخل أو استعمال أجهزة خارجية،وهذه الوسائل اعتمد عليها القدماء بصفة أكثر نظرا لعدم وجود الأجهزة المعملية الدقيقة التى ترصد مخرج الصوت آنذاك بدقة متناهية مثل العصر الحديث،وهذا ما اعتمد عليه الخليل بن أحمد فى ترتيب معجمه "العين" وكذلك آراء سيبويه الصوتية من خلال "باب الإدغام" فى كتابه الكتاب،أيضا ابن جنى فى تأليفه لكتابه:"سر صناعة الإعراب"
وعلى الرغم من توفر الوسائل المعملية الحديثة فى العصر الحديث إلا أن بعض المحدثين قد أشار إلى بعض الوسائل الذاتية عند تفسير آراء القدماء ليس انتقاصا ولا من قبيل الشكوك فى دقة الأجهزة المعملية وإنما باعتبار الوسائل الذاتية أدوات مكملة ومعضدة للوسائل المعملية،ومن هذه الوسائل الذاتية فى التعرف على الجهر والهمس ما ذكره الدكتور عبد الصبور شاهين عند تفسير  الجهر والهمس عند سيبويه ومحاولة التفريق بينهما من خلال الوسائل الذاتية المناسبة لعصر سيبويه آنذاك بقوله:"إنه ظلت محاولة سيبويه فى تفسير المجهور والمهموس من الأصوات قانوناً اتبعه جميع من جاء بعده من النحاة والقراء إلى أن جاءت بحوث المحدثين فصدقت كثيراً مما قاله فى هذا الباب مع إضافتها لحقيقة ارتباط الجهر والهمس بدور الحنجرة ، أى بذبذبة الأوتار الصوتية فى حالة الجهر ، وعدم ذبذبتها فى حالة الهمس.([50] )
  ومن التجارب الذاتية التى تعرفت على الجهر والهمس ما ذكره مالمبرج بقوله:"ونستطيع أن نتبين الفرق بين الحالتين بإجراء تجربة ننطق من خلالها بعض الأصوات الهجائية ، ونضع أيدينا خلال النطق على مقدمة الرقبة ، أو على الجبهة ، أو على الصدر، أو الأذنين، ولما كانت هذه المواضع بمثابة غرف رنين فإن الذبذبة حين تحدث فى نطق صوت ما تحدث تأثيرها فى هذه المواضع، ويحس من يلمسها بالاهتزاز، نتيجة اهتزاز الحبال الصوتية، وبذلك يعرف أن الصوت الذى ينطقه مجهور، وأما إذا لم يجد هذا الاهتزاز فمعنى ذلك أن الصوت مهموس، ويستطيع من يجرى التجربة على نفسه أن يختار مثلاً صوت السين لينطق بقيمته الصوتية المجردة فى شكل صغير مستمر طويل (سسسـ) دون حركة سابقة أو لاحقة ، وبحيث لا تتحرك خلاله حباله الصوتية ، ثم يعمد إلى تحريك هذه الحبال ، فيحصل حينئذ على النظير المجهور ، وهو صوت زاى مستمر طويل "زززززز" ، فإذا تابع بين العملين شعر بالفرق الواضح بين حالتى الجهر والهمس".([51])
  وقد ناقش د:شاهين آراء القدماء من منظور حديث بقوله:"إننا لو أطلقنا النفس على طبيعته،وحاولنا خلال ذلك النطق بالسين مثلا مكررا دون أن يسبقه أو يلحقه صوت مد ( قصير أو طويل)،أى أننا نسمع مجموعة من السينات مجردة بطول النفس هكذا (س س س س س ) ، دون أن يتخلل بينها سوى سكتات قصيرة ، ليس لها مدلول صوتى.
فالمهموس من واقع هذه التجربة = اعتماد + نفس
أما فى حالة الجهر فلا يمكن النطق بالصوت مرددا مع انطلاق النفس وحده لأن الذى سيحدث حينئذ هو مهموسة،فالمجهور يحتاج للنطق به إلى عنصر آخر هو (رفع الصوت)،...،...،فلو حاولنا النطق بالزاى مثلا جاءت المحاولة فى الصورة التالى )زا زا زا زا زا زا ) أو جاءت على صورة:( أز أز أز أز أز أز ).
وعلى هذا فالمجهور = اعتماد + صوت + نفس".([52] )
ومن الوسائل الذاتية التى لجأ اليها المحدثون ـ أيضا ـ فى التفريق بين الحهر والهمس، "وضع الإصبع على "تفاحة آدم" فنحس بشىء من الذبذبة إذا نطقنا المجهور مثل""v ولا نحس بشىء من ذلك إذا نطقنا المهموس مثل ""F.([53] )

  ثانيا الوسائل المعملية:
  يقصد بها التعرف على الجهر والهمس من خلال المرحلة التى تتوسط مرحلتى النطق"مرحلة الإنتاج"،ومرحلة الإدراك"مرحلة الإدراك"وهى ما يمكن أن نطلق عليه:علم الأصوات الفيزيائى،حيث من خلاله نستطيع أن نفرق بين الجهر والهمس من خلال الفراغ الهوائى ـ الذى بدوره ينقل الصوت من المتكلم إلى السامع ـ وذلك من خلال النقاط الآتية:
  1- شكل الذبذبات: أوضح الواقع الفيزيائى الفرق بين الجهر والهمس  من حيث شكل الذبذبات التى يحدثها الصوت المهموس أو المجهور. يقول “Dr. Hess,W” :"إن رسم الذبذبات التى يحدثها الصوت المهموس تكون اهتزازات غير منتظمة ، حيث يكون المهموس فى بدايته متقطعاً ضعيفاً ، ثم يندفع بقوة([54] )
وهذا ما يتضح من الشكل التالى :

my19#001
شكل يوضح شكل الذبذبات التى يحدثها نطق صوت "الثاء" فى كلمة "ثرى"
وعلى النقيض من الصوت المهموس يكون شكل الذبذبات التى يحدثها الصوت المجهور بالإضافة إلى أن الدورة فيه تكون متكاملة “Fast periodisch" ، وهو ما يتضح من الشكل الفيزيائى لصوت "الباء" فى كلمة "يرى"
my19#002
شكل يوضح شكل الذبذبات التى يحدثها نطق صوت "الباء" فى كلمة "برى"
  يتضح من خلال ما سبق أن شكل الذبذبات فى حالة الصوت المجهور أسرع من الصوت المهموس وهو ما ذكره د:السعران بقوله:"إن ما نسميه بالاصوات المجهورة كالسين تظهر بصورة ذبذبات سريعة أما المهموس كالخاء:فتظهر بصورة خطوط غير شديدة التذبذب"([55])
 وإلى جانب ما سبق ، فقد أوضحت أيضاً الدراسة الفيزيائية أوجه الفوارق بين الجهر والهمس فى النقاط الآتية :
  2- الزمن/ مدة الذبذبة “Die Dauer" : ويقصد بالزمن الفترة التى يستغرقها كل من الصوت المجهور والمهموس ،أما مدة الذبذبة فهى"الفترة الزمنية التى يستغرقها إتمام ذبذبة واحدة"([56])
  وقد لاحظت أن الزمن فى حالة الصوت المهموس أكبر من المجهور ، وهو ما اتضح من خلال نطق صوتى : "الحاء ، والعين" ، حيث لوحظ أن "الحاء" تستغرق 88/م/ث ، أما العين فتستغرق 36/م/ث ، ويرجع ذلك إلى أن نسبة اندفاع الصوت المجهور يكون أقوى ، وذلك بعكس المهموس.

  3- درجة الخشخشة :“Rauch” : حيث اتضح - أيضاً  أن حالة الخشخشة فى حالة الصوت المهموس أقل من الصوت المجهور ، وهذا يتضح من خلال الشكلين الآتيين :
my19#005
شكل (أ) يوضح شكل الخشخشة التى يكون عليها صوت"الحاء"

my19#006
شكل (ب) يوضح شكل الخشخشة التى يكون عليها صوت"العين".
  من خلال الشكلين السابقين تتضح درجة خشخشة الصوت فى نسبة ودرجة السواد، حيث اتضح كلما كان الصوت قويا كلما زادت شدة الخشخشة، وهذا يرجع إلى تفاوت شدة الاحتكاك بين عضوى النطق المنوطين بأداء العملية النطقية للصوت من حيث كونه مجهورا أو مهموسا.

  4- نسبة التردد:"يتوقف إحساس الأذن بحدة الصوت أو غلظه أساسا على ما نسميه ـ فيزيئيا ـ بالتردد،...،...،وهذا التردد يقابل اهتزاز الوترين الصوتيين من الناحية الفسيولوجية،فكلما زاد معدل اهتزاز الوترين الصوتين كلما أحسسنا بارتفاع نغمة الصوت، وزيادة هذا المعدل أو نقصه تتوقف بالطبع على طبيعة هذين الوترين،وحجمهما،ودرجة توترهما،بالإضافة إلى طبيعة ضغط الهواء تحت الحنجرة".([57] )
  ومن خلال القول السابق تبين ـ من خلال التجارب على الأصوات المجهورة والمهموسة ـ أن نسبة تردد الصوت المجهور أكبر من الصوت المهموس ،وهو ما يتضح من الشكلين الآتيين.
my19#007
شكل (أ) يوضح نسبة التردد الفيزيائى لصوت العين إزاء النطق به.
my19#008
شكل (ب) يوضح نسبة التردد الفيزيائى لصوت "الحاء" إزاء النطق به.
  من خلال الشكلين السابقين اتضح أن نسبة التردد الفيزيائى فى حالة نطق صوت العين تصل إلى 1400هرتز ،أما فى حالة نطق صوت الحاء تصل إلى 100 هرتز،يفهم من ذلك التردد الفيزيائى يكون أعلى فى حالة أداء العملية النطقية للصوت المجهور عن الصوت المهموس.
  أود أن أشير إلى تفاوت نسبة التردد بين الاصوات المجهورة فيما بينها،كذلك الاصوات المهموسة،وهذا يرجع إلى:"مرونة الوترين وقدرة الإنسان على التحكم فى ضبط الهواء يمكن أن يغير فى نغمة أصواته،ولذلك أثر كبير فى أداء الكلام"([58] )
المبحث الثالث
وسائل سمعية"علم الأصوات السمعى"
  هو المرحلة الثالثة من مراحل إتمام العملية النطقية والتى بها تكتمل عملية الإدراك السمعى،حيث يطلق على صاحبها السامع أو المستقبل أو المستمع الذى يتلقى الأصوات الصادرة ـ من المرسل أو المتكلم ـ بداخل الجهاز السمعى، حيث تتم عدة عمليات معقدة على أثرها يستطيع أن يعرف المراد من الأصوات التى يتلقاها، كذلك معرفة سماتها من حيث كونها مجهورة أو مهموسة،وهو ما يمكن معرفته من خلال عناصر الصوت الأساسية من وجهة النظر السمعية أو الإدراكية،وهو ما يتمثل فى النقاط الآتية:
  1- الوضوح السمعى: للوضوح السمعى أثر بين فى إدراك الفوارق بين الاصوات وقد تنبه العلماء القدماء لهذا منذ القدم، حيث "لوحظ أن الآراء الصوتية لقدماء اليونان والرومان أنها تقوم فى جملتها على ملاحظات الأثار السمعية التى تتركها الاصوات فى الأذن"([59] )
  ويقصد بذلك أن الوضوح السمعى يكون أكثر وضوحاً فى حالة الصوت المجهور عنه فى حالة الصوت المهموس، حيث لوحظ أن:"الصوامت المجهورة أشد بروزا من الصوامت المهموسة،وأصوات اللام،والصوامت الأنفية المجهورة اشد بروزا من سائر الصوامت المجهورة.أما الصوامت المهموسة فهى تتصف بقدر من البروز قليل جدا بالقياس إلى الاصوات المجهورة"([60])
  وقد تنبه القدماء إلى أهمية الوضوح السمعى فى التفريق بين الجهر والهمس وذلك من خلال وصف سيبويه للمجهور "بإشباع الاعتماد" والتى أراد بها أن يصف المجهور بأنه صوت متمكن مشبع فيه وضوح وفيه قوة،وتلك هى الصفة التى يشير إليها الأوربيون بقولهم"sonority" فالمجهور أوضح فى السمع من نظيره المهموس ،لا نزاع فى هذا "([61])
  أود أن اشير إلى أن الوضوح السمعى عبر عنه بعض المحدثين ـ فى التفريق بين الجهر والهمس ـ من خلال بعض الترادفات اللفظية،منها:
  أـ قوة الإسماع : أوضح الدكتور:عبد الرحمن أيوب بوسيلة ذاتية التفريق بين الجهر والهمس بقوله:"نستطيع أن نكتفى بالاعتماد فى الحكم على قوة إسماع الصوت بمجرد السماع.وذلك بأن ننطق صوتا من الاصوات بارتفاع خاص،ثم ننطق صوتا آخر بنفس الارتفاع،ونحكم أى هذين الصوتين أكثر تأثيرا على الأذن،أو بعبارة أخرى أيهما يمكن سماعه على مسافة أبعد من المسافة التى يمكن فيها سماع الآخر.وطريقة ذلك أن أطلب إلى شخص الابتعاد عنى وأنطق صوتا كالباء أو الجيم او النون بأعلى ما أستطيع من أداء،فإذا لم يسمعه طلبت منه الاقتراب قليلا وكررت النطق بهذا الصوت بأعلى ما أستطيع من أداء كذلك،وهكذا حتى يسمع الصوت.ثم أفعل ذلك بالاصوات الأخرى وأعين ابعد مسافة بين السامع والمتكلم يمكن عندها سماع كل صوت من الأصوات،التى يؤديها المتكلم بأعلى أداء ممكن.وسيكون الصوت التى يسمع على أبعد مسافة أقوى الأصوات إسماعا،أما أضعفها إسماعا فهو الصوت الذى لا يسمع إلا على أقصر مسافة من المتكلم" ([62])

  ب ـ الإحساس بالشدة:من الترادفات اللفظية للوضوح السمعى،وهذا الترادف "يرتبط فيزيائيا بأمور أهمها:اتساع مدى الموجات الصوتية التى تشكل الصوت،فكلما كانت تلك الموجات أكثر اتساعا كلما أحست الأذن بأن الصوت أشد فى السمع".([63])
  أود أن اشير إلى أن أساس تصنيف أصوات اللغة عبارة عن صوامت،وصوائت"الحركات" ،"وهذا الأخير قد امتاز "بقوة الوضوح السمعى،إذا قيست بمجمل الأصوات الأخرى.إنها تحمل الآثار الموسيقية للنبر ودرجة الصوت،وهى أكثر الأصوات "موسيقية" أو قبولا للغناء لإمكانية تطويلها على وجه يطرب السمع"([64])
   اشترط بعض المحدثين فى تعريف الحركة أن تكون مجهورة "وسبب هذا الشرط أن الحركة صوت لا تتدخل عند النطق به أعضاء النطق العليا على الإطلاق أو تتدخل تدخلا لا يحدث احتكاكا مسموعا.وعلى هذا فلولا الجهر الذى هو تدخل الأوتار الصوتية لمر الهواء من الرئتين إلى الخارج دون تدخل الأوتار تماما،كما يحدث عند الزفير"([65])
  وقد أرجع د:بشر،أن الحركات أقوى الأصوات وضوحا فى السمع إلى السببين الآتيين:
  1ـ "مرور الهواء من الفم حرا طليقا فى أثناء النطق بها،دون عائق أو مانع يقطعه أو ينحو به منافذ أخرى كجانبى الفم أو الأنف،أو دون تضييق لمجراه فيحدث احتكاكا مسموعا.وتختلف الحركات نفسها فى هذه الحرية المطلقة.فقد لوحظ أن الحركة(a) وتقع الفتحة العربية فى إطارها هى ذات النصيب الأوفى من هذه الحرية."
  2ـ الحركات غالبا ما تكون مجهورة فى كل اللغات،وربما يقع بعضها مهموسا فى بعض السياقات فى بعض اللغات،على ما يرى قوم من الدارسين،وإن كنا لم نلحظ هذا الهمس للحركات فى اللغة العربية"([66] )
  من خلال ما سبق أود أن اشير إلى أن الأصوات ،والحركات جميعها تتخذ أوضاعا متفاوته من حيث قوة الوضوح السمعى حيث رتبها "Heffner" تصاعديا فى درجة الوضوح على الوجه التالى:
"أقل الأصوات وضوحا فى السمع هى الأصوات المهموسة،ثم تزيد درجة الوضوح بالتدريج نسبيا حتى يصل إلى النهاية هكذا:
  1ـ الأصوات المجهورة مثل(b،d،g).
  2ـ الأصوات الأنفية والجانبية(m،n،l).ويضم إلى هذه المجموعة الصوت المرموز إليه فى الكتابة الصوتية الدولية بالرمز(يرمز للشين من الألفبائية)،ومثاله فى العربية صوت التفشى وهو الشين.
  3ـ أصوات (r) ومنها الراء فى العربية.
  4ـ الحركات وهى نفسها متدرجة فى قوة الوضوح"([67])
  أود أن أشير إلى أن الحركات تخرج حرة طليقة إذ "إن الجهاز النطقى ينتج الحركات التى ما هى إلا أصوات انطلاقية تتذبذب الأوتار الصوتية أثناء نطقها دون تدخل بالحبس أو التضييق من أى عضو آخر من أعضاء النطق"([68])

  النغمة: "يسميها بعض المحدثين "بدرجة الصوت" وربما يطلق عليها أيضا"حدة الصوت" أو "الحدة"،ويعرفها الفيزيائيون بأنها:الخاصية التى تميز بها الأذن الأصوات أو النمات من حيث الحدة أو الغلظة" ([69])

  وقد اتضح من خلال إدراك الاذن للأصوات أن الصوت المجهور أَحَدُ من المهموس والذى على أساسه فرق القدماء بين المجهور والمهموس.
 طول الصوت: معظم الأصوات المجهورة حبيسات أو انفجارية،وبالتالى مدة التقاء ضم عضوى النطق يستغرق زمنا أطول عن الأصوات الأخرى التى تخرج حرة طليقة أو درجة احتكاك عضوى النطق إزاء النطق بها نسبية." فطول الصوت يتحدد على طبيعة الصوت المراد إصداره:فعندما ننطق ضمة قصيرة مثل ضمة ( كُ) ونقارن بينها وبين الضمة الطويلة فى ( كُو ) نلاحظ أن أعضاء النطق فى الحالة الثانية قد استغرقت زمنا أطول من الزمن الذى استغرقته فى الحالة الأولى،وأنت ترى ذلك واضحا فى مدة ضم الشفتين"([70])
  أود أن أشير إلى أن ما ذكرناه من دور العملية السمعية فى التفريق بين الجهر والهمس ليست مطلقة من حيث الحكم وذلك لاختلاف درجة الإحساس لدى الاشخاص فى الحكم على شدة الصوت،والنغمة ،وطول الصوت، وكلها مصطلحات فيزيائية استطاع علم الأصوات الفيزيائى من خلالها الحكم على كون الصوت مجهورا أو مهموسا.  


الخاتمة
وبعد أن تحدثنا عن وسائل التعرف على الجهر والهمس أشير إلى بعض الناتئج الهامة التى توصل إليها البحث وذلك فى النقاط الآتية:
  أولًا:اعتمد القدماء فى بيان مفهوم الجهر والهمس على النظرة الذاتية والإحساس الذاتى للأصوات إذ لم توجد آنذاك أجهزة صوتية ترصد مخرج الصوت بدقة وهو ما تمثل ى عباراتهم فى الجهر:"حرف أشبع الاعتماد من موضعه ،ومنع النفس،وينقضى الاعتماد عليه".أما الهمس فهو:اضعف الاعتماد عليه،وجرى النس،وحس الصوت فى الفم،وكلها عبارات مأخوزة من الإحساس والرؤية الذاتية إزاء النطق بالأصوات.
  ثانيًا:اختلفت رؤية القدماء والمحدثين فى توزيع عدد الأصوات العربية على الجهر والهمس وهذا يرجع إلى ـ كما اشرت ـ اعتماد القدماء على الملاحظة الذاتية،وتوفر الأجهزة والمعامل الصوتية لدى المحدثين التى ترصد مخرج الصوت بدقة.
  ثالثًا:تعددت رؤية القدماء فى التعرف على الجهر والهمس،وذلك من خلال وسائلهم الخاصة التى تعتمد على الملاحظة الذاتية والاجتهاد الشخصى المتمثل فى إجراء التجارب الذاتية.أيضا كان التعرف على الجهر والهمس يمثل ـ أحيانا ـ مناظرة فيما بينهم.
  رابعًا:فرق القدماء بين الجهر والهمس وذلك من خلال بعض الوسائل المتصلة بطريقة الأداء النطقى،والإشباع الحركى،والمدة الزمنية.
  خامسًا:إن دراسة آراء القدماء فى التعرف على الجهر والهمس فى ضوء معطيات العلم الحديث فى جملتها تتضمن آراء قيمة تتفق مع أحدث النظريات إلى حد كبير.
  سادسًا:ارتبط مفهوم الجهر والهمس عند المحدثين بحركة الوترين الصوتيين والتى اصطلح عليها بالذبذبة فى حالة الجهر وعدمه فى حالة الهمس.وسائل تساعد بدرجة كبيرة فى التعرف على الجهر والهمس.
  سابعًا:علم الأصوات النطقى المتمثل فى آلية النطق،والجهد العضلى،ودرجة انفتاح عضوى النطق،وحركة الهواء،وكمية الهواء،كلها وسائل تساعد بدرجة كبيرة فى التعرف على الجهر والهمس.
   ثامنًا:خَلُصَ المحدثون إلى أن الصوامت المهموسة تحتاج إلى جهد عضلى أكبر من التى يتطلبها نطق الصوامت المجهورة.
  تاسعًا:قد يوجد تفاوت فى قوة إخراج النفس من شخص إلى آخر،كذلك الجهد العضلى الذى يستدعيه نطق الصوامت المهموسة والمجهورة،وهذا يختلف من شخص إلى آخر ومن بيئة لأخرى،ومن عصر لأخر،بل قد يتأتى اختلافهما أحيانا من نطق لأخر عند نفس الشخص وبالتالى تختلف قوة إخراج الصوت ودرجة همسه أو وجهره على حسب قوة إخراج النفس والجهد العضلى الذى يعمد إليه الشخص الناطق.
    عاشرًا:الحركات المصاحبة لنطق الأصوات التى يقوم الجهاز النطقى بإنتاجها هى كلها مجهورة،لما لها من تأثير بالغ على الوترين الصوتيين.
    حادى عشر:اتفق علماء الأصوات الغربيين مع ما قرره علماء الأصوات العرب بشأن التعرف على الجهر والهمس إذ كان المعيار الأساسى لديهم هو اهتزاز الأحبال الصوتية من عدمها.
   ثانى عشر:إن الهواء الذى يصاحب الصوت المنطوق يأتى بعد خروج الصوت المجهور وهو ما عبر عنه ـ بمفهوم القدماء ـ بانحباس جرى النفس عند النطق بالحرف، بينما يأتى مصاحبا أو ملازما عند النطق بالصوت المهموس،وهو ما عبر عنه ـ قديما ـ بجريان النفس عند النطق بالحرف.
  ثالث عشر:تم التعرف على الجهر والهمس من خلال بعض بعض الوسائل العملية المتمثلة فى استعمال بعض الوسائل الآلية الخارجية،واللجوء إلى وسائل ذاتية تعتمد على الإدراك الذاتى حيث يتعرف الشخص بذاتيته على الجهر والهمس دون أى تدخل أو استعمال أجهزة خارجية.وهذه الوسائل اعتمد عليها القدماء بصفة أكثر نظرا لعدم وجود الأجهزة المعملية الدقيقة التى ترصد مخرج الصوت بدقة آنذاك بدقة متناهية مثل العصر الحديث.
  رابع عشر:تم التعرف على الجهر والهمس من خلال ما عرف بالوسائل المعملية التى توضح شكل الذبذبات،والزمن،ونسبة التردد،وهذه الوسائل هى مأخوذة عن علم الأصوات الفيزيائى.
   خامس عشر:إن عملية التردد الفيزيائى فى التفريق بين الجهر والهمس عملية مماثلة لاهتزاز الوترين الصوتيين من الناحية الفسيولوجية،فكلما زاد معدل اهتزاز الوترين الصوتين كلما أحسسنا بارتفاع نغمة الصوت.
  سادس عشر:من خلال التجارب على الأصوات المجهورة والمهموسة ـ أن نسبة تردد الصوت المجهور أكبر من الصوت المهموس.
   سابع عشر: تتوقف درجة اهتزاز الوترين الصوتيين من حيث القوة والضعف وذلك على طبيعتهما،وحجمهما،ودرجة توترهما،بالإضافة إلى طبيعة ضغط الهواء تحت الحنجرة .
  ثامن عشر:تختلف نسبة التردد الفيزيائى بين الأصوات المجهورة فيما بينها،كذلك الأصوات المهموسة وهذا يرجع إلى مرونة الوترين الصوتيين،وقدرة الإنسان على التحكم فى ضبط الهواء يمكن أن يغير فى نغمة أصواته وهذا له أثر كبير فى آداء الكلام.
  تاسع عشر: فرقت العملية السمعية بين الجهر والهمس من خلال عدة عمليات تعد بمثابة عناصر اساسية للصوت اللغوى منها،الوضوح السمعى،النغمة،طول الصوت.
  عشرون:إن تمييز العملية السمعية للمجهور والمهموس مرتبطة ارتباطا وثيقا بالناحية الفسيولوجية،والناحية الفيزيائية فالإحساس بالشدة يرتبط بالناحية الفيزيائية فى اتساع مدى الموجة التى تشكل الصوت،كذلك ترتبط فسيولوجيا بالطاقة العضلية لأعضاء النطق المتمثلة فى ضغط الحجاب الحاجز على الحنجرة،فكلما زاد هذا الضغط زادت الطاقة.
  حادى وعشرون:من خلال العملية السمعية اتضح أن الصوت المجهور أحَدُ من المهموس،وهذا هو الأساس الذى فرق القدماء به ـ من قبل ـ بين المجهور والمهموس.
  ثانى وعشرون:إن دور العملية السمعية فى التفريق بين الجهر والهمس ليست مطلقة من حيث الحكم وذلك لاختلاف درجة الإحساس لدى الأشخاص فى الحكم على شدة الصوت،والنغمة ،وطول الصوت، وكلها مصطلحات فيزيائية استطاع علم الأصوات الفيزيائى من خلالها الحكم على كون الصوت مجهورا أو مهموسا.

الحواشي


[1] -  ماريو باى: أسس علم اللغة، ترجمة وتعليق،د،أحمد مختار عمر:ص،78.
[2] - سيبويه:الكتاب،تحقيق الشيخ عبد السلام هارون:/432.
[3] -  سر صناعة الإعراب،تحقيق:محمد حسن إسماعيل،أحمد رشدى عامر:/75.
[4] -  رضى الدين الأسترابازى: شرح الشافية:3/260.
[5] -  شرح المفصل:10/128.
[6] -  كتاب العين،تحقيق،مهدى المخزومي،إبراهيم السامرائى، 4/10
[7] -  الكتاب،4/432.
[8] -  سر صناعة الإعراب،1/75.
[9] -  معحم تهذيب اللغة،تحقيق:د،رياض زكى قاسم، ص ،3793 .
[10] -  شرح المفصل، 10/128.
[11] -  الكتاب،4/432
[12] -  سر صناعة الإعراب:1/75.
[13] -  الكتاب،4/ 432 
[14] -  سر صناعة الإعراب:1/75.
[15] - د:إبراهيم أنيس:الأصوات اللغوية، ص،21.
[16] - د:كمال بشر:علم الأصوات،ص،87-88.
[17] -  الأصوات اللغوية،ص،21. وانظر:د:بشر،علم الأصوات،ص،87.،د:عبد الله ربيع،د.عبد العزيز علام:علم الصوتيات،ص،264.
[18] -  انظر تفاصيل ذلك د:بشر،علم الأصوات،ص،288.،د:حسام النعيمى،الدراسات اللهحية والصوتية عند ابن جنى، ص،312 وما بعدها. 
[19] -  د:عبد الله ربيع ،عبد العزيز علام:علم الصوتيات،ص،265.
[20] -  الصوتيات والفونولوجيا،ص،54.
[21] -  الأصوات اللغوية،ص،21.
[22] -  الكتاب،4/432
 ـ أوضح د: عبد الصبور شاهين أن : "حالة الإخفاء لم تظهر  فيها حروف مد ولين ولا ما هو من جنسها من المصوتات القصيرة ، لأن المصوتات جميعها مجهورة ، فمتى أخفينا أى همسنا لم يعد لها وجود. وأشار سيبويه إلى استخدام أصوات المد لأنها تساعد على إظهار الصوت المجهور ليمكن تمييزه ، فلو حاولنا النطق بالزاى مثلاً ، جاءت المحاولة فى الصورة التالية "زا زا زا زا زا" أو جاءت على صورة "از از از از از" ، وعلى هذا فالمجهور =  اعتماد + صوت + نفس " انظر التطور اللغوى:مؤسسة الرسالة،ط 2 ،1985، ص204.
[23] - انظر د:إبراهيم أنيس ،الأصوات اللغوية،ص،120.نقلا عن شرح الكتاب للسيرافى.
[24] - السابق، ص،120.
[25] - سر صناعة الإعراب:1/75.
[26] -  رضى الدين الأسترابازى: شرح الشافية،3/260.
[27] -  شرح المفصل،10/128.
[28] - د:عبد الرحمن أيوب،أصوات اللغة،ص،132.
[29] - السابق،ص،133.
ـ صنف د:أيوب الأصوات الحنجرية إلى حنجرية انحباسية،وحنجرية انطلاقية حيث أرجع لك إلى تداخل أعضاء النطق التى تقوم بإخراج الصوت،وذلك بقوله:"الأصوات الحنجرية تتأثر بتدخل الأعضاء على طرق تتراوح بين الحبس التام وبين أنواع مختلفة من تضييق ممراتها.وبطبيعة الحال يختلف الصوت الحنجرى المنحبس عن سواه من الأصوات الحنجرية". السابق،ص،124.
[30] - د:إبراهيم أنيس ،الأصوات اللغوية،ص،121.
[31] - تَمَّ اقتباس الشكلين من كتاب :أصوات اللغة،د.أيوب،ص،58.
[32] - السابق ،ص،58.
[33] -السابق،ص،59.
[34] - انظر:أطلس أصوات اللغة العربية، ص112.
[35] - علم اللغة (مقدمة للقارئ العربى)،ص،152.
[36] - انظر : د/ مراد مبروك ، كتابات نقدية : من الصوت إلى النص ص28.
[37] -  د.محمود السعران: علم اللغة،ص،152.
[38] - د:رفعت الفرنوانى:أصوات العربية فى ضوء المنهج المقارن،ص،28.
[39] - د:محمود السعران:علم اللغة،ص،88.
[40] - السابق:علم اللغة،ص،137،138.
[41] -  د:كمال بشر،علم الأصوات،ص،175.
[42] - السابق ،ص،175.
[43]-Nepppert,Joachim;Elemente einer Akustishen Phonetik,Seit,215.
  Terminologie der Sprachakustik, Seit,6.- [44]
 . Nepppert,Joachim;Elemente einer Akustishen Phonetik, ,Seit,217- [45]
[46] - د.محمود السعران:علم اللغة،ص،157
[47] - السابق:علم اللغة،ص،157.
[48] - الأصوات العربية ، ص100 ، وانظر: من الصوت إلى النص ،ص31.
[49] - د:محمود السعران:علم اللغة،ص،104.
[50] - فى التطور اللغوى: ص،204.
[51] - مالمبرج:علم الأصوات,ترجمة,د:عبد الصبور شاهين,ص,109-110. ـ لمزيد من التقاصيل انظر:د:كمال بشر:الأصوات العربية,ص,136.د:تمام حسان:اللغة العربية معناها ومبناها،ص،79.د:سعد مصلوح:دراسة السمع والكلام،ص,222
[52] - التطور اللغوى: ص،204
- لمزيد من التفريق بين المجهور والمهموس انظر: د:عوض المرسى جهادى: "ظاهرة التنوين فى اللغة العربية ، الخانجى ، القاهرة 1982 ط1 ، 1403هـ
[53] -  د:محمود السعران:علم اللغة،ص،105.
  Grundlagen der Phonotik,Bonn,1998,Seit,159.- [54]
[55] -  د:محمود السعران:علم اللغة،ص،109.
[56] -  د:سعد مصلوح:دراسة السمع والكلام، ص،32.
[57] - د.عبد العزيزعلام ،د.عبد الله ربيع:علم الصوتيات،ص،155
[58] -  انظر السابق:ص،155.
[59] -  د:محمود السعران:علم اللغة،ص،88
[60] - السابق:ص،152.
[61] -  د:إبراهيم أنيس:الأصوات اللغوية،ص،124- 125.
[62] -  أصوات اللغة،مكتبة الشباب،"د.ت"،ص،135.
 ـ رتب الدكتور أيوب أصوات اللغة حسب قوة انتقالها،وذلك من خلال ست مراحل.1ـ أصوات عديمة الإسماع.وهى الأصوات الانحباسية المهموسة مثل:التاء،والكاف.2ـ أصوات أسماعها 1،وهى الأصوات الانحباسية المجهورة وهى أصوات يمكن سماعها دون انفجار مثل:الجيم،والدال،والباء.3ـ أصوات قوة أسماعها 2.وهى الأصوات الاحتكاكية المهموسة،وتتفاوت قوة إسماع هذه الأصوات بتفاوت قوة انطلاق الهواء،وهو أمر يعتمد على كمية الهواء وعلى مقدار سعة مخرجه.ومن هذه الأصوات:الحاء،الفاء،والسين.4ـ أصوات قوة أسماعها 3.وهى الأصوات الاحتكاكية المجهورة،ومنها:z ،v،والهمزة.5ـ أصوات قوة إسماعها 4.وهى الأصوات الأنفية،والجانبية المجهورة والترددية المجهورة مثل:"الراء،الميم،والنون". 6 ـ أصوات قوة إسماعها 5.وهذه أقوى الأصوات إسماعا،وهى الأصوات المجهورة التى يخرج الهواء عند النطق بها من الفم دون أن تعترضه أعضاء النطق العليا على الإطلاق،أو مع اعتراضها اعتراضا لا يؤدى إلى حدوث احتكاك مسموع.مثل:الحركات.انظر السابق،ص،135،136.
[63] - السابق:ص،153.
ـ ترتبط شدة الصوت فسيولوجيا ـ بشكل عام ـ بالطاقة العضلية لأعضاء النطق،والضغط تحت الحنجرة،فكلما ازداد هذا الضغط وزادت تلك الطاقة كلما اتسع مدى الموجات الصوتية واشتد الصوت".انظر السابق:ص،154.
[64] - د:كمال بشر ،علم الأصوات،ص،150.
[65] - د:أيوب،أصوات اللغة،ص،176.
[66] -  د:كمال بشر ،علم الأصوات،ص،218،217.
[67] - السابق:ص،219،218.
[68] -  د:رفعت الفرنوانى،أصوات العربية فى ضوء المنهج المقارن،ص،37.
ـ أشار الدكتور الفرنوانى إلى أن "ليس معنى عدم تدخل أعضاء النطق بالحبس التام أو الجزئى مع ذبذبة الأوتار الصوتية أن الأعضاء العليا للنطق(اللسان والشفتين) تأخذ شكلا واحدا فى نطق الحركات الثلاث الكسرة أو الفتحة أز الضمة الطوال أو القصار،فكلنا يلحظ أن هذين العضوين يكونان فى وضع محايد مع نطق الفتحة وأنهما يعدلان هذا الوضع المحايد بتضييق أقصى الحنك أيضا مع استدارة الشفتين أثناء نطق الضمة" انظر:أصوات اللغة،ص،28.
[69] - د:عبد العزيز علام:علم الصوتيات،ص،155.
[70] - السابق:ص،155.
























المصادر والمراجع
أولا:العربية:
  د:إبراهيم أنيس:الأصوات اللغوية،مكتبة الأنجلو،القاهرة،1995م،ص،21.
2ـ ابن جنى:سر صناعة الإعراب،تحقيق:محمد حسن إسماعيل،أحمد رشدى عامر،دار الكتب العلمية،بيروت،ط1/2000،1/75.
3ـ د.حسام النعيمى:الدراسات اللهحية والصوتية عند ابن جنى،دار الرشيد،بغداد،1980م.
4ـ الخليل بن أحمد: كتاب العين،تحقيق،مهدى المخزومى،إبراهيم السامرائى،دار الرشيد، العراق،1981.
5ـ رضى الدين الأستربازى: شرح الشافية،دار الكتب العلمية،بيروت، 1982.
6ـ د.رفعت الفرنوانى: أصوات العربية فى ضوء المنهج المقارن،مطبعة العمرانية،ط 2،   1993.
7ـ الأزهرى: معحم تهذيب اللغة،تحقيق:د،رياض قاسم،دار المعرفة،بيروت،لبنان ،2001.
8 ـ د.سعد مصلوح: دراسة السمع والكلام,عالم الكتب،2000م.
 سيبويه:الكتاب،تحقيق الشيخ عبد السلام هارون،بيروت،لبنان،1999،4.
9ـ د.عبد الرحمن أيوب: أصوات اللغة،مكتبة الشباب،(د.ت).
10ـ عبد الصبور شاهين: التطور اللغوى:مؤسسة الرسالة،ط 2 ،1985.
11ـ د.عبد الله ربيع: علم الصوتيات،مكتبة الرشد،الرياض،2004م.
12ـ د.كمال بشر: علم الأصوات، ،دار غريب،2000م.
13ـ ماريو باى: أسس علم اللغة، ترجمة وتعليق د.أحمد مختار عمر،عالم الكتب،ط8،1998م
مالمبرج: علم الأصوات,ترجمة وتعليق,د:عبد الصبور شاهين،مؤسسة الرسالة،د.ت.
14 ـ محمود السعران: علم اللغة (مقدمة للقارئ العربى)،دار الفكر العربى،ط3/2001م.
15ـ د.مراد مبروك: كتابات نقدية : من الصوت إلى النص ص28 ، الهيئة المصرية العامة ، العدد 50 ، 1996م.
16 ـ د.مصطفى حركات: الصوتيات والفونولوجيا،المكتبة العصرية،بيروت،1998م.
17ـ د.وفاء البيه: أطلس أصوات اللغة العربية،الهيئة المصرية العامة للكتاب،1990م.
18 ـ ابن يعيش: شرح المفصل،دار الكتب العلمية،بيروت ، د.ت.
ثانيا:المراجع الأجنبية:
Grundlagen der Phonotik,Bonn,1998. Hess,W”  1-
2 - Nepppert,Joachim;Elemente einer Akustishen Phonetik,Hamburg .Auflage 4,1999.
               3- Mongi Metgui; Terminologie der Sprachakustik ,Trier,1996.